• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أثر الفروق الأساسية بين الرجل والمرأة على صمت الرجال

دراسة: أ. د. أمل المخزومي

أثر الفروق الأساسية بين الرجل والمرأة على صمت الرجال
هناك فروقٌ فرديةٌ بين الأفراد، بحيث لا يتساوى اثنان مهما بلغتْ درجةُ القرابة بينهما حتى لو كان توأمين متطابقين. على سبيل المثال: أشارت الأبحاث إلى أنّ الرجال بشكلٍ عامٍّ أقدرُ من النساء على حلِّ المسائل الحسابية والميكانيكية، أمّا النساء فهنّ أفضلُ في استعمال اللُّغة بكل اتجاهاتها، ولديهنّ القدرةُ على الاستذكار، كما أنّهن بارعاتٌ في المجال الذي يتعلَّق بالشئون الاجتماعية، وتذوُّق الجمال والتنسيق الطبيعي، إلا أنّ هناك استثناءاتٍ بين الرجال والنساء في كل ما يُذْكَر في هذا المجال.   الفروق الجسمية والكيمائية والعضوية بين الرجل والمرأة: من الناحية الجسمية، وبالرغم من اعتبار أنّ الرجل أقوى من المرأة جسماً؛ إلا أنّ الخَلل يتسرَّبُ إليه بشكل أسرع من تسرُّبه إلى جسم المرأة. ومن الناحية الكيماوية، فإن جسم الرجل أقلُّ نشاطاً من كيمائية جسم المرأةِ، والرجال يَشيخون بسرعة أكبر مقارنةً بالنساء من العمر نفسه، كما أنّ جسم المرأة أكثر مقاومة للأمراض، وتقلبات الجو، والألم، والمرض، والإصابة بالأوبئة، وبعض الأمراض النفسية والجسمية. أمّا من ناحية العواطف والغرائز، فإنّ الجهاز المسؤول عنها والذي يُطلَق عليه (الحافي Limbic – system) يكون لدى المرأة أكبر وأكثر نشاطاً ممّا يكون لدى الرجل؛ ولهذا تكون عواطفُ المرأة وغرائزها أكثر تغيُّراً وإثارةً. لذا، فهي أكثر تعبيراً عن عواطفها من الرجل وتكون جيّاشةً أحياناً. كما أنّ لهذا الجهاز علاقةً كبيرةً بغريزة الأمومة والارتباط العائلي؛ ولهذا تكون المرأة متمسكة بالعائلة أكثر من الرجل، وأكثر عطاءً في الرعاية والاهتمام بأفراد العائلة. ويُعتبرُ الرجلُ أكثر اتزاناً في المجال العاطفيِّ فالنساء يُصَبْنَ بالهستيريا والهلع أكثر من الرجال، ولكن عندما يُصابُ الرجالُ بالهلع أو اضطراب الأعصاب فإنّهم يتأخَّرون في الشِّفاء. ويُصاب الرجالُ بعَمى الألوان بينما نسبة الإصابة بين النساء بهذه الحالة تكونُ قليلةً جدّاً؛ فتبلغ نسبة إصابة الرجال بعمى الألوان ثمانية أضعاف إصابة المرأة. إضافة إلى أنّ اهتمام النساء بالألوان المختلفة أكثر تطوُّراً ونموّاً ممّا يكون لدى الرجل. النساءُ أكثرُ من الرجال إدراكاً لسلوك الآخرين ومظهرهم في أكثر الأمور والمواقف، وكلّما تقدمن في مراحل النمو أصبحنَ أكثر دقةً وموهبةً في هذا المجال خاصّة إذا أنْجَبن أطفالاً وهُنَّ أكثرُ انتباهاً لأطفالهنّ أثناء النوم. لقد لعبتْ الحياةُ الاجتماعية والعادات والتقاليد والأعراف دوراً مهمّاً في إعطاء المرأة مجالاً واسعاً في اللقاءات مع بعضهنّ البعض؛ بحيث أتاحَ لهنَّ فرصة التحدث والتدريب على ذلك، ممّا ساهَم في تطوُّر العلاقات الاجتماعية والمحبة والتفاعُل مع الآخرين، ويمكن أن يُعتبر هذا المجال الواسع هو المسؤول عن براعة المرأة في القدرة الكلامية، وهذا ما أشارت إليه بعضُ أبحاث علم النفس الاجتماعيِّ. كما أتيحَ للمرأة فرصة استعمال اليدين في المهن الدقيقة كصنع الأدوات المنزلية الصغيرة والدقيقة؛ فساعدت على نموِّ المهارات التي تتعلق بتلك المهن، وأعطت الفرصة للمرأة أن تتحدَّث وتؤدي تلك الأعمال. إضافة إلى أنّها تقبعُ في البيت مع الأطفال وتقوم بتربيتهم والتحاور معهم خلال اليوم ممّا مهَّد لها السبيل للتحدُّث طوال اليوم والتعوُّد على ذلك والاستمرار عليه. أمّا الرجال، فكانت أعمالهم تتطلب الحذر والدقة والتركيز الذي يتعلَّق بالصيد والزراعة وقطع الأخشاب أو النجارة أو الاشتراك بالحروب التي تجعله مستعداً لاستعمال سلاحه بشكل صامت تماماً كي لا يعرف العدوُ مكانه، كما أنّهم أكثر مثابرةً وصبراً من النساء. تشيرُ الدراساتُ المختلفةُ إلى أنّ النساء أكثر قدرةً على التعرُّف على العناوين؛ وذلك لقدرتهِنَّ على ربْط العنوان بلوحة إعلان أو مخزن أو موقع مهم قريب من العنوان، أمّا الرجال فإنّهم يربطون العنوان بالجهات الأربع ولهذا يَختصِر الرجلُ الكلامَ، ويقول: شمالاً أو جنوباً... ويدعمه بالمسافة. أمّا المرأة فإنّها توضِّح ذلك أكثر فتقول: إنّه قريبٌ من ذلك المخزن الذي اسمه كذا... وعندها ترى اللوحة تلك... وبعده تجد المخزن المعيَّن... وتعثر بقربه على العنوان المراد! وهذا التوضيح، وتلك الأسماء تجعلها تتحدَّث وتصفُ أكثر من الرجل. تتفوَّق النساء على الرجال في المناظرة الكلامية، وتذكُّر الأحداث، بالإضافة إلى أنهنّ يستعملنَ حركة اليدين ببراعة متناهية، ويستعملن عضلات البلعوم واللسان عند التحدُّث، كما يستعملن كلماتٍ تُثير العواطف والانفعالات ويبرعن في تغيير نبراتهنَّ الصوتية ويستعملنَ الطرق التي تبرز حنانهنّ وعطفهنّ على الآخرين والمستمعين. بينما الرجال يستعملون الحنجرة في طرح أفكارهم ويؤكِّدون على العوامل العقلية أكثر من العاطفية ويخاطبون العقول أكثر مما يخاطبون العواطف. يذكر البعض أنّ الرجال يكونون أكثر عدوانية، وأنّهم يبرعون في خلْق المشاحنات والخلافات لتفريغ الشحنات العدوانية التي لديهم، ولهذا تطمح التربية إلى توجيههم إلى الألعاب العنيفة لتفريغ تلك الشحنات كالرياضة العنيفة مثل المصارعة والملاكمة وغيرها. كما أنّهم يميلون لمشاهدة الأفلام العنيفة إضافة إلى أنّهم يميلون للمنافسة وإظهار قوتهم الجسمية. تختلف أحاديث البنات فيما بينهنّ عن أحاديث الرجال؛ فقد تدور أحاديث البنات عن الحبِّ والحنان والمودة والرعاية، بينما تميل أحاديث الرجال إلى بيان المغامرات والمناورات والمنافسة. وقد تكون نوعية تلك الأحاديث هي التي تساعد البنات على الاستمرار في ذلك لأن نوعية أحاديثهنّ فيها مجال للإطالة والتوسع.   اختلافات في الاضطرابات النفسية والعصبية لدى الجنسين: ·       يعاني الرجال من صعوبة في القراءة والكتابة والحبْسة الكلامية أكثر من النساء. كما تتميز النساء بأنهنّ يتعلمنَ القراءة والكتابة أسرع من الرجال ولهذا يبرزْن في المدرسة في الخطابة والقراءة والكتابة. ·       تكثُر الإصابة بالكآبة لدى النساء؛ وذلك بسبب التغييرات الهرمونية التي تحدث بسبب الحمل والولادة وانقطاع الطمث لديهنّ كما أنّ الظروف الحياتية والحروب والمجاعات تجعل المرأة تشعر بقلق دائمٍ على عائلتها وأطفالها وكيفية رعايتهم والسهر عليهم وكلُّ هذا يدفعها إلى التحدُّث عن ذلك أينما ذهبتْ. أمّا الذكور، فإنّهم أكثر إصابة بالكآبة في مراحل النمو الأولى خاصة في فترة المراهقة. ·       النساء أكثر تعرضاً للهستيريا واضطراب الانفعالات والمزاج، وتشير بعض الإحصائيات إلى أنّ مُعدَّل إصابة الإناث باضطراب الانفعالات يكون مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من الرجال. ·       تتأثر المرأةُ بالبيئة التي تعيش فيها، وأكثر أمراضها النفسية تكون ناتجة عن إفرازات تلك البيئة التي تعيشها وتتفاعل معها من مشاكل. أمّا الأمراض الوراثية فقد تتساوى مع الرجل فيها ولهذا تعاني المرأة من الأمراض الناتجة عن تفاعلها مع البيئة كالكآبة والقلق وقد تكون بنسب مضاعَفةٍ لما تصيب الرجال. ويبدأ الفرق في الإصابة بتلك الأمراض بينهما في سن المراهقة وذلك بسبب الأعباء الاجتماعية الملقاة على عاتق الفتاة أكثر من الفتى خاصة في الدول العربية والإسلامية. ·       تشير الأبحاث إلى أن نسبة الانتحار لدى النساء قد تكون ثلاثة أضعاف من الرجال وذلك بسبب قلة الحيلة لديها للتغلب على مشاكلها. وإن وُجِد هناك فرقٌ فإنما يكون في الوسيلة التي تستعمل في عملية الانتحار بحيث تكون تلك الوسائل لدى الرجل أعنف وأشد مما يكون لدى المرأة ولهذا ترتفع نسبة الوفيات بين الرجال أكثر مما يحدث لدى النساء وأكثر الأحيان يتم إنقاذهن من تلك المحاولات. ·       يصيب مرضُ (الزهايمر) والخرف النساءَ أكثر من الرجال، ربما يكون السبب هو أنّ المرأة تعمِّر أكثر من الرجل. ·       تنفُّس الرجل أعمق من المرأة، بينما المرأة تتنفس أسرع من الرجل. ·       عظام الرجل أكبر من عظام المرأة بينما يكون حوضها أكبر كي تستطيع أن تحتضن جنينها كما أنّ له أثراً في اختلاف مشيتها عن الرجل وهناك من يذكر أنّ فخذ المرأة فيه ميلان عن الركبة. ·       تتكون تحت جلد المرأة طبقة دهنية ولكن الرجل يفتقد هذه الطبقة، وجلدُ الرجل أسمَك من جِلد المرأة. ·       للمرأة قدرة على تحمُّل الأعباء أكثر من الرجل، وهي أكثر حيوية وأقوى ذاكرة وأكثر قدرةً على الابتسام. ·       حاسة السمع لدى المرأة أقوى لأنها تستخدم كِلا الأُذُنَيْن عند الاستماع والتحدث. ·       ضرباتُ قلبِ المرأة أسرعُ من ضربات قلب الرجل بما يعادل (90) مرة في الدقيقة في المرأة، بينما الرجل ضربات قلبه (80) مرة في الدقيقة، و(66) دقة لقلب المرأة أثناء النوم مقابل (56) دقة لقلب الرجل. ·       الجهاز المناعيُّ عند المرأة أقدَرُ على مكافحة الفيروسات والفطريات والبكتريا مقارنة بما يكون لدى الرجل. ·       هرمون الذكورة موجود في النساء والرجال على حدٍّ سواء، وإن اختلفا فإنّما يختلفان في نسبة هذا الهرمون، فهو يزيد لدى الرجال بشكلٍ كبيرٍ، في بعض الأحيان يزيد هذا الهرمون لدى بعض النساء مقارنة ببنات جنسهنّ ولهذا تَظهر عليهنّ بعض السلوكيات التي تشبه سلوك الرجال ويطلق عليها في بعض الدول وصف "مسترجلة". ·       ويكون إفراز هرمون "التستوستيرون" لدى الرجل بشكلٍ كبير جدّاً وكلّما زاد إفراز هذا الهرمون أدى إلى السلوك العدوانيِّ. ·       تتعطش المرأة لسماع الكلمات من الرجل وخاصة الإطراء، عبارات الحب والغزل ومدح جمالها ورشاقتها وما تعمل وتؤدي من مَهامٍّ عائلية أو مهنية... إلخ. ويميل الرجل في فترة الخطوبة إلى إشباع رغبة خطيبته في ذلك، وبعد الزواج تتراجع تلك الكلمات وتدريجيّاً تتلاشى مما يجعل المرأة تندفع لملء ذلك الفراغ الذي تشعر به وتبدأ بالتحدث وكثرة الكلام ويستمع لها الزوج أحياناً ثمّ يتلاشى الكلام وبالتدريج يخيم الصمت، ويكون ذلك الصمت قاتلاً للمرأة ولأفراد العائلة. وهناك فرق بين الرجال والنساء في إظهار مشاعر الحب ولا ننسى المثَل الصينيَّ الذي يقول: (الرجل يحب بعينيه والمرأة تحب بأذنيها)، إنّ ما يجذب اهتمام الرجل هو مظهر المرأة وجمالها ورشاقتها وعذوبة صوتها وغنجها، أمّا المرأة فإنّها تطرب لسماع كلمات الحب والتغني بذلك الجمال وتلك الرشاقة. وبعد الزواج يتبدل الأمر فتنقلب الرشاقة إلى سمنة – مفرطة أحياناً – والعذوبة إلى صِياح مع الأطفال والخَدَم بحيث لا يجد الرجل مجالاً ليتغنى به بعد أنْ تبدَّل كلُّ شيء، وأكبر تبدُّل في مظهرها بعد الزواج يحدث بسبب الحمل والولادة ورعاية الأبناء ومشاكل العائلة ولهذا تكون عين الرجل حائرةً ولسانُه معقوداً ويصمت! عندها يتسرب القلق للزوجة والخوف على زوجها من تلك الظاهرة أيْ ظاهرة الصمت ولسان حالها يقول: "كان لا يسكت عن الكلام لماذا صَمَت الآن؟"، ولم تنتبه إلى السبب الذي أدى إلى صمته لتعيد النظر إلى ذلك التغيير الذي طرأ على شكلها وسلوكها، كما أنها تراقب نظراته عندما يكونان خارج البيت، وكيف يتابع رشاقة النساء كذلك في مشاهدته لبرامج التليفزيون فما إن تبدُر منه ملاحظةٌ أو إشارة تدل إلى إعجابه برشاقة إحداهنَّ إلّا وتقوم القيامة ويقعُ البلاءُ على رأسه ولهذا يفضل الصمت ليقيَ نفسَه تلك الأهوال.   المصدر: كتاب لماذا يصمتُ الرَّجُل؟! (الأسباب السيكولوجية لإنعدام الحوار وقلة الاهتمام بين الأزواج)

ارسال التعليق

Top